فيلم الست، عن تمرير الحرية حين يكون سلطة جديدة..
فيلم جميل،
عن سلطات كثيرة على بنت الخمسة عشر ربيعا، تختار أو ترضخ؟
يحكي الفيلم قصة جدة تحاول تمرير مفهوم الخرية الذي تعتقده إلى حفيدتها، أثناء ذلك يتقدم لطلب يد الحفيدة أحد شباب القرية، والده وجده اغتربا قديما بعد أن تعاونا مع الإنجليز وجنوا إثر هذا التعاون أرباحَ كثيرة، أكملا مسيرتهما بالاغتراب في الخليج، عاد الشاب طالبا ود القرية لأجل الاستفادة من مزارع القطن في صناعة الأنسجة التي يبيعها بالخارج.
الشاب لا يدرك قيمة نفيسة، اسم الحفيدة في الفيلم، وهو اختيار ذكي للغاية، لا يدرك فرادتها ولا القطن بطبيعة الحال، شاب مادي يريد لآلته أن تعمل ويعرف كيف يخطب ود أهل القرية.
الجدة، أدركت منذ أن سألته عن اسم والده، ونوع القماش الذي يرتديه ففاجأها أنه (بولي ايستر) الشيء الغريب والمتوقع في آن من رجل مادي بالوراثة، أدركت أنها زيجة سيئة لحفيدتها، حفيدتها التي كانت تعد الشاي للضيوف، وتتلذذ بطعم حلوى الكوالتي ستريت التي جاء بها العريس من الخليج، وتهدي النمل على طاولة المطبخ بعضا من اللذة بوضع حبات السكر في طريقهن.
ولكن الباهر في قصة الفيلم لم يأت بعد، فشيئا فشيئا تعرف نفيسة أنها رهن سلطات كثيرة، سلطة الوالد والوالدة اللذين يريدان الثروة والاستقرار على البنت، سلطة المجتمع، ماذا سيقول إن لم تقبل بهذا العريس اللقطة، سلطة الجدة التي ترفض الزيجة لأنها تذوقت طعم الحرية باكرا بوفاة زوجها المسن، وتريد تمرير هذه الحرية لحفيدتها من جهة، ورفضًا للولد وأهله الرأسماليين من جهة.
مع هذا يفاجئنا أن نفيسة، أحست بشيء في نفسها من كافة الأطراف حولها، ومررت العريس لصديقتها، وذهبت حيث الولد الذي تحب، ربما كانت جدتها تريد لها الحرية، ولكن نفيسة أدركت أن ما هو أهم من الحرية المعطاة بالملعقة، حقها في اختيارها، أن
تكون هي ست قرارها.
جميل الفيلم، تصويره هادئ وأجواؤه دافئة مثل القرية الوادعة قبل دخول آلات القطن، مشاهد نفيسة وصديقاتها في الحقول، وأزقة القرية الضيقة وفضول الأطفال، الضوء، واستثماره في مشهد حقل القطن ومشهد صناعتها للشاي حين يدخل الضوء من فتحة الجدار ويضيء كبايات الشاي في المطبخ البسيط.
الضوء الليلي حين تختار نفيسة حبيبها والذي يتفتح تباعا كأنما أضاءت الفكرة.
جميل هذا الفيلم، ومرمّز، وددت فقط لو كان أداء الأستاذة رابحة محمود أقرب إلى الحكمة بدلا عن الحدة.
أداء نفيسة/مهاد مرتضى جميل ويوحي لنا بطفولة مناسبة لسنها في الفيلم..
أخيرا، هذا إنجاز عبقري للأفلام التي تتناول قضية المرأة والسلطات عليها دون كليشيهات أو مبالغات ومن صميم القرية الهادئة، شأن أعمال كثيرة سبقت وتلت.
تعليقات
إرسال تعليق